التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من يوليو, 2011

بشير أحمد ، وإبني !

قابلت "بشير أحمد" مرة على كورنيش جدة قبل عام تقريبا، بشير أحمد طفل يتراوح عمره بين السبع والتسع سنوات، يبيع مناشف ملونة. أكثر ما يلفت النظر في بشير أحمد، ابتسامته الواضحة، وتلك اللمعة التي تشع من عينيه. أخذت أسمع منه في ذاك اليوم ما تذكرته عندما سألتني "معلمة في مدرسة ابتدائية" : من من هؤولاء الأطفال تتوقعي أن يشبهه "ابنك" في يوما ما؟ وجدتني أرد بتلقائية "ابني! سيكون يشبه "بشير أحمد" إلى حد كبير". في حياة هذا الطفل العديد من الجوانب الايجابية، ولن أغفل سلبيات حياته بالتأكيد، إلا أنني فعلا آمل أن يشبه ابني "بشير أحمد" على الأقل لكي أضمن أن لا يشبه "أطفال هذه المدرسة". حدثني بشير أحمد ذاك اليوم بإجابية، عن هدفه الواضح في جمع ٦٠٠٠ ريال ليتمكن من احضار والده ووالدته لأرض السعودية، وأنه قد جاء مع عمه قبل ثلاث سنوات للحج. الثقة التي كان يتحدث بها بشير أحمد جعلتني أسأله "تروح مدرسة؟" أجاب بإبتسامة " والله ما يخلوني، أنا في الصباح مافي شغل، أروح المدرسة ولما يعرف الأستاذ أنا مين يطردني، أروح مدرسة ثاني، لكن...

بالحكمة، وليس بالدبور!

الدعوة إلى الله، هاجس الكثيريين، والقليلين. إلا أن أساليب الدعوة إلى الله، مع اختلافها، فهي تعكس تماما خلفية الداعي، ونفسيته، ومستوى وعيه. لذا، فهي حقا أداة ذات حدين، قد توجد طريقا لله، وقد تكون سببا في اغلاق طرق! بالتالي، فإن المسؤولية التي أرى أن يوليها المرء لنفسه، هي تحري الحكمة في أسلوب دعوته، واستخدام الموعظة الحسنة، والبعد، كل البعد، عن ما أطلقت عليه في هذا المقال «الدعاية لله». فالدعوة لسبيل الله تختلف تماما عن الدعاية له «جل تعالى». إن «الدعاية لله» تتمثل في ما يستخدمه البعض -ويتداوله بعضا آخر- من حكايات وقصص يقصدون بها ارشاد الناس لدور الله في حياتهم، وهي في الواقع، لا تختلف عن صناعة أغلب «الدعايات» في عالمنا العربي، تجدها عبارة عن مشاهد، المفروض أنها صنعت سيناريو متكامل، إلا أن النتيجة التي خرجت أمام المشاهد هي بالضبط ما يعكس انطباعه المسبق عن المنتج. لذا فلن تجد صانع الدعاية مراعيا لا لسلامة المنطق، ولا حريصا على أن يعكس أفقا جديدا للمتلقي. هذا تماما ما يلحظ على تلك القصص، والتي سمع أغلبنا-إن لم يكن كلنا- عددا منها. كقصة الدبور الذي غرس رأسه في طبلة إذن الشاب الناجح «العا...

الحرية، قرار شخصي بالدرجة الأولى

إن من الجدير بالانتباه، أن أكثر المطالبين بالحرية، والمشتكين من جور «الحبس» أيا كان نوعه، لا يحاولون حتى التعرف على قيودهم، أو مقيديهم. تجدهم يصنعون من الشعارات ما يطالب بالحرية، في حين أنهم لا يعرفون حقيقة قيودهم، ولا ما يصبون إليه من خلال «فك» تلك القيود. مالا يرونه، وما أناقشه في هذا المقال، هو أن «الحبس» في حقيقته لا يعدوا أن يكون قيودا يفرضها الانسان على نفسه أو قيودا يفرضها عليه مجتمعه وأن السبيل الوحيد للخروج من هذا «الدهليز» هو قرار شخصي يخضع، بالدرجة الأولى، لإرادة الانسان وتعطشه لما وراء جدران سجنه. إن أول ما يقيد الإنسان، هو تلك القيود التي يضعها هو على نفسه، سواء كانت على شكل قناعات شخصية، أو على شكل خوف من اللامعلوم وجهل بمترتباته. تتكون القناعات لدى الإنسان إما توارثيا من خلال البيئة المحيطة، أو اكتسابا من خلال تجاربه الشخصية المحدودة. تعتبر القناعات احد الأطر التي يفرضها الإنسان حول نفسه إذا ما كان لها قدسية كبيرة، تجرم تطويرها أو معاصرتها. كما أن الخوف والجهل من أهم الأسباب التي تقيد تجارب الإنسان، وتحد من انطلاقه نحو الحياة. انطلاقة الإنسان نحو الحياة، هي طريق الحر...

"البرانيط"، والفساد الأنيق!

إن من الملفت جدا،هذه الأيام، استخدام العديد من المسؤلين الإداريين لعبارات ومفاهيم في غير محلها. فمثلا، تتردد عبارة «اللي فات مات» على التهاون في محاسبة المقصريين، بنية طيبة، خوفا من قطع الأرزاق! في حين أن الصورة الحقيقة تتطلب الحفاظ على "الحق المهدور" درعا لعواقب التهاون، بنية سليمة، خوفا من "قلة البركة". إلا أن الظاهرة، الأكثر لفتا للنظر، والتي بدأت تظهر مع ظهور محاولات الإصلاح والتطوير هي إلباس مظاهر الفساد الإداري، العديد من «برانيط» الاحترافية وأساليب الإدارة الحديثة. حيث يعتقد بعض المسؤولين أن تكييف هذه الأدوات الإدارية مع ما هو حاصل أصلا في إداراتهم، هو معالجة للفساد! إلا أنه تصرف لا يتعدى أن يكون تغليفاللفساد بورق مستورد، لن يؤدي إلى الوصول لمصاف "العالم الأول"، أبدا . فللفساد الإداري في المنشآت العامة والخاصة مظاهر واضحة، ولست اتحدث هنا عن مشكلات الاختلاس أوالسرقات، ولا كل ما يؤول إلى الإتلاف. انما الذي أشير إليه، هو الممارسات التي لا يقصد بها فسادا، في حين أنه هو الحاصل. الممارسات التي تأتي من "نية طيبة" ينقصها لتحقيق الهدف المنشود ...