التخطي إلى المحتوى الرئيسي

هل يكون النجاح “صدفة”؟





 قبل الإجابة لابد ان تنفق على ماهية النجاح، هل هو الوصول لمنصب مميز؟ ألم نسمع عن أصحاب مناصب قيادية في كبرى المنظمات تركوا مناصبهم للتفرغ لشغفهم في هواية تميّزوا بها وكان قيدهم المنصب أو الوظيفة، التي هي الحلم لغيرهم. هل النجاح شهرة مثلا؟ أموال؟ أمومة؟ شهادة؟ .. كل ما ذكرته هو في الحقيقة مظاهر قد تعكس نجاحاً مبهراً وقد تكون مجرد محطة من حياة أي شخص منّا. فالنجاح لا يقاس بمظاهره، بقدر ما يُرى عياناً بياناً في عيون صاحبه، لأنه حقق فعلا “ما يريد”. Ben Hogan هو شاب ولد في اسرة فقيرة وبدأ حياته بالعمل مساعداً في ملعب جولف ليزيد دخل اسرته، إلا أن هذا الدور خلق لديه حلماً ليكون لاعب جولف احترافي، وفعلاً حصل على عدد من البطولات الأمريكية في الجولف، إلا أنه تعرض لحادث جسيم وأصيب في رأسه، توقع الأطباء انه لن ينجو من الحادث. نجى بأعجوبة، إلا أن الأطباء أكدوا انه لن يستطيع المشي مجدداً! لم يكن ذلك مقنعاً لدى Hogan ، فطلب من المستشفى أن تضع صورة ملعب الجولف في ركن غرفته ليبدأ بتخيل نفسه يلعب مجدداً. حكاية Hogan تكمّن في أنه قد حصل على أكثر من 50 بطولة أمريكية في الجولف بعد ذلك الحادث الأليم!

كيف تمكن Hogan من النجاح بهذه الطريقة وبهذا التميّز؟ السر في المثابرة والاصرار، المحاولة المستمرة بدون توقف، إعادة الكرّة مرة واثنان وثلاث ومئة. المثابرة هي أهم المهارات التي تُميّز أصحابها وتصنع منهم “ناجحين” بدون شك. هي السمة التي تمكّن صاحبها من تجاوز العقبات والتحديات والمواقف الصعبة وتجعلها مراحل أساسية في طريق تحقيق النجاح المأمول، تجعل مصاعب الحياة محطات شحن لمهارات جديدة تواكب احتياجات المرحلة القادمة. عدم الاستسلام والمثابرة يبدو جلياً في حياة الرياضيين الذين يسعون بخطة مدروسة لتدريب عضلاتهم على احتياجات السباقات الطويلة، يعرفون كيف يزنون جهدهم بين أول السبق ومنتصفه ونهايته. وهكذا هي حياتنا، نتمرن فيها على تطوير مهاراتنا الحياتية من إدارة وقيادة وكفاءة وفعالية للموازنة بين الجهد المبذول في بداية الطريق إلى محطة الوصول والنجاح.

كل ما سبق يبدأ بعد ان تقرر “ماذا تريد” ما هو معنى النجاح بالنسبة لك، بعد ان تضع هدفك أمام عينك وتستمر بإصرار ومثابرة إلى ان تصل إليه. لا يعني ذلك التعنت او التشدد، بل على العكس تماماً يعني ان تكن مرناً لأبعد حد مع ضغوطات الحياة ومصاعبها، وتتجاوزها بثقة الواصل لمراده. حيث تعرف يقيناً ان الوقاية من الضغوطات تؤثر سلباً على صلابتك وقوتك وخبرتك وذكائك وآداءك. وتدرك تماماً أن مواجهة الاوقات العصيبة ليست مضاداً حيوياً إنما لقاحاً يزيد من مناعتك مستقبلاً. ولكي تستمتع بتجربة مواجهة الضغوط في كل مرة، عاهد نفسك على عهود أربعة هي

 أولاً: قرر رؤية الجانب الايجابي من كل موقف واختر وصفه بالكلمات الايجابية.

ثانياً: لا تأخذ الأمور بشكل شخصي.. أبداً، انظر دائما للصورة الكبيرة وأدرك الموقف من منظور الحكيم الذي يعرف أن لكل بداية نهاية، وان المواقف تصطف أمام الناجحين ليتجاوزونها وهم أقوى.

ثالثاً: حاول ان تخفف من افتراضاتك، وعيش الموقف كما تراه، واحكم فقطعلى ما يبدو امامك، ولا تشغل عقلك كثيراً بما لا يبدو لك ظاهراً.

رابعاً: أبذل قصارى جهدك، في كل موقف، قدم أفضل ما لديك، لا تدّخر خيراً يمكنك تقديمه، ولا تؤجل عطاءً جاء وقته. هذه الأربعة العهود قرأتها في كتاب Don Miguel Ruiz و Janet Mills بعنوان “الاتفاقيات الأربعة” ووظفتها هنا بتصرف كعهود خلال رحلة المثابرة والاصرار للوصول لـ “ما تريد”.

خلاصة القول، الحياة رحلة، ستمضيها بكل الأحوال، ولك القرار في ان تكون رحلتك مليئة بالتجارب والعقبات والدروس والوصول لقمم متعددة من النجاح، أو ان تعيش في أحد أركانها مشاهداً لمشهد الحياة من بعيد، واقياً نفسك من كل صعب، متجنباً أي ألم. انت من يختار ان يحيا حياة الفحم ام الماس.

 

نشرت هذه المقالة في صحيفة مال

رابط المقال

بتاريخ : 01 نوفمبر 2021

 

 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جدة ... من جد زعلانة !!

أنشئت المدونة منذ مدة .. أعتقد 3 أشهر .. كنت دائما أسأل نفسي .. ما الذي يمكن أن أكتببه هنا؟ وبأي فكرة ولأي سبب .. ما الذي أكون قد أضفته .. لكن اليوم .. بعد تجربة خمسة أيام مضت منذ السبت 5-12-2009 إلى اليوم الأربعاء 9-12-2009 .. أجد أن برأسي ألف فكرة ... بوجهة فكر واحدة !! أحترت من أين أبدأ .. روح التعاون الرائعة .. متعة العمل التطوعي .. ابتسامة الضمير الذي يقدم خيرا لا يقصد به إلا التأكد من رؤية ابتسامة المحتاج .. النية الطيبة التي يدعمها الله في يد الجماعة .. أم أعكس واقع الضمير المخدر .. ابتسامة الزيف .. هول الكارثة .. منظر الدمار .. فقد الأرواح .. كسرة نفس المحتاج .. عبوس "القائمين عليها" !! كنت في البداية بعيدة نوعا ما عن "قلب الحدث" .. وابتداء من يوم السبت المذكور طرقت "قلب الحدث" وأكتشفت أنه "موجوع" بالفعل .. سيول مدينة جدة يوم التروية من عام 1430 هـ .. كانت مأساوية، مدمرة "لكل ما أعترض طريقها" وكأنها تعلن ثورتها على الضمير المخدر والعين التي لا تبصر .. ! مرت بواديها بعنف .. تؤنبه .. وحالها يق...

نادية خالد العمودي لـ هي : أعيش حياة بسيطة وأؤمن بأن لكل مشكلة حل

نادية خالد العمودي لـ هي : أعيش حياة بسيطة وأؤمن بأن لكل مشكلة حل

سيدو .. فلتسكن روحك أفسح الجنان ..

لم يكن اسطورة ! ولم يشارك في صنع التاريخ ! وليس له يد في "زيادة استهلاك " هذه الأمة ... إنما كان صانعا أساسيا "لنمو سعادتي" لم يكن عالم ذرة ! ولم يسعى لجائزة نوبل! ولم يعلم عن تأثير الكواكب على الأرض .. لكنه كان دائماً عالماً "بحالي" .. سائلا المولى أن يسخر لي مافي السماء والأرض .. كان لابتسامتي "مؤشر" رضا لقلبه .. وكان يراني "وجه الخير" .. كان يستبشر بي .. وترضى نفسه إذا ما عرف ان دعوة له أُجيبت يسأل فيها "مالك السموات والأرض" أن يرزقني ما أتمنى .. لم يكن سيد القوم .. لكن كان سيد القلب .. لم يكن شيخ الحارة .. إنما كان فؤاد "العيلة" .. لم يكن صانع المجد .. إنما كان عمار الطمئنينة .. (سيدو) ... عزائي في فقدك .. احتفال السماء والأرض بك .. كانت تسابقنا الأرض وتسرع لفتها حول الشمس كي تضمك في قلبها بحنان الأم .. وكانت السماء تغني بإسمك وترقص بروحك طرباً .. لتلقى الحي القيوم .. إلا أنني أنا .. يا (سيدو) . .. اشتقت لصوتك وأنت تخبرني أنك "أحسن مني" إذا ما سألتك ...