التخطي إلى المحتوى الرئيسي

القرار .. صناعة

 



مكونات أي صناعة هي " مواد أولية، خط انتاج وعمليات، ومنتجات مصنعة" ، ومكونات أي قرار هي  "معلومات أولية، وعملية تحليل، والنتيجة قرار". من خلال عملي مع عدد من قادة القطاعين الخاص والعام وأيضا الغير ربحي، آمنت ان المهارة التي تميًز القادة وتكسبهم ثقة فريق عملهم وتحرك الفرق تجاه النتائج، هي "مهارة صنع القرار" ، لذلك سأتحدث اليوم عن القرار .. كصناعة عندما نتعرف على موادها الأولية وعلى عملية الانتاج، نتمكن من رؤية "منتجات" القرار بشكل أوضح.

تتسم هذه الصناعة "صناعة القرار" بأن موادها الأولية غير ثابتة! وأن عملية الانتاج تستند على الخبرات السابقة وطريقة التفكير ونتائج التجارب الخاصة لكل عقل، والمخرجات أو المنتجات تعتبر نصف مصنعة إلى ان تمر بمرحلة التنفيذ الكامل. لذا راقبت عدداً من القادة المميزين ووجدت أنهم يتخذون قراراتهم بثقة وحسم حتى في ظل غياب المعلومات الكاملة، وبمراعاة تامة لعامل التوقيت، لأن القرار المتأخر أسوء في كثير من الاحيان من عدم اتخاذ القرار!. كما لاحظت أيضا أن تحمل مسؤولية القرار هي سمة صعب أن يمتلكها غير القائد الحقيقي.

من كل ماسبق، سألخص خمس نصائح أتمنى أن أكتبها بالذهب وأهديها لكل من يقع في موقع القائد وتتصف قراراته بالتأثير واسع النطاق على المنشأة، والعاملين، والبيئة. هي كالتالي :

أولاً: حدد المشكلة بشكل جيد، ولا تأخذ قرارات تعالج ظواهر المشكلة وليس أساسها، مثال "مشكلة حدة التعامل بين فريق العمل وعدم التعاون" من غير السليم أن يكون قرار المعالجة معاقبة أحدهم أو فصله!، قد تكون المشكلة الأساسية في عدم عدالة توزيع الأعمال، أو الفرص غير متساوية، والحلول هنا أسهل وأجدى. قرار القائد يجب أن يعالج أساس المشكلة وليس ظواهرها.

ثانياً: ضع في الحسبان عواقب القرار الذي ستصنعه، ادرس الايجابيات والسلبيات واختر القرار الذي يميل للايجابية أكثر من السلبية. لكل قرار وجهان، مستفدين ومتضررين، رابحين وخاسرين، حاول قدر المستطاع أن تزيد الجانب الايجابي من القرار.

ثالثاً: افصل مشاعرك عن عملية صنع القرار، لا تصنع قراراً وأنت سعيد جداً  أو وأنت منزعج جداً!، هذه النصيحة ترتفع أهميتها كلما ارتفع منصب صانع القرار، لأنك في أعلى الهرم تغيب عنك الكثير من التفاصيل، التي بتوفرها قد تتغير مشاعرك كثيراً. صدّق حدّسك ولكن لا تعتمد على مشاعرك، الحدّس هو من خلاصة تجاربك ومعارفك وخبراتك السابقة، إنما مشاعرك لحظية تتغير من وقت لأخر بناء على حجم ونوعية المعلومات التي وضعت أمامك.

رابعاً: تأكد أن مسؤولية القرار هي مسؤوليتك تماماً ، من الجيد والمجدي ومن الحكمة أن تستمع لمستشارينك والخبراء وأيضاً حتى الاصدقاء، إنما مسؤولية اتخاذ القرار الأنسب هي بالتأكيد لك وحدك، وستتولى مسؤولية القرار بشخصك.

خامساً: ضع لنفسك توجهاً عاماً وأهدافاً أساسية ، هذا التوجه سيصنع لك بوصلة توجه قراراتك نحو الأهداف التي وضعتها. تأكد أن لدى ذهنك قيماً ثابته ووجهة محددة تجذب إليها القرارات التي تصنعها في كل لحظة.

خلاصة القول، صناعة القرار هي مهارة تحتاج إلى الشجاعة، التمرس عليها يقفز بك في سلم النجاح عالياً، عدم اتخاذ القرار هو بحد ذاته قرار، إنما عواقبه جسيمة! وقد يكون أحد أسباب التأخر او الفشل. القادة الحقيقيون لا يتوانون أبداً عن صناعة القرار بشكل مستمر، بثقة ووعي، ولا يتأخرون أبدا عن تعديل هذه القرارات في حال اكتشفوا فيها خللا ما. إنما لا يطيلون البقاء في المنطقة الرمادية بدون اتخاذ قرار حاسم.

مهما كان مستواك الإداري اليوم، اصنع قراراك، تمرس على توجيه بوصلة قراراتك نحو وجهة واحدة تحقق أسمى الأهداف.

تحلى بالشجاعة ... واصنع قرارك.

 

نشرت هذه المقالة في صحيفة مال : 

رابط المقال 

بتاريخ 03-09-2021

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جدة ... من جد زعلانة !!

أنشئت المدونة منذ مدة .. أعتقد 3 أشهر .. كنت دائما أسأل نفسي .. ما الذي يمكن أن أكتببه هنا؟ وبأي فكرة ولأي سبب .. ما الذي أكون قد أضفته .. لكن اليوم .. بعد تجربة خمسة أيام مضت منذ السبت 5-12-2009 إلى اليوم الأربعاء 9-12-2009 .. أجد أن برأسي ألف فكرة ... بوجهة فكر واحدة !! أحترت من أين أبدأ .. روح التعاون الرائعة .. متعة العمل التطوعي .. ابتسامة الضمير الذي يقدم خيرا لا يقصد به إلا التأكد من رؤية ابتسامة المحتاج .. النية الطيبة التي يدعمها الله في يد الجماعة .. أم أعكس واقع الضمير المخدر .. ابتسامة الزيف .. هول الكارثة .. منظر الدمار .. فقد الأرواح .. كسرة نفس المحتاج .. عبوس "القائمين عليها" !! كنت في البداية بعيدة نوعا ما عن "قلب الحدث" .. وابتداء من يوم السبت المذكور طرقت "قلب الحدث" وأكتشفت أنه "موجوع" بالفعل .. سيول مدينة جدة يوم التروية من عام 1430 هـ .. كانت مأساوية، مدمرة "لكل ما أعترض طريقها" وكأنها تعلن ثورتها على الضمير المخدر والعين التي لا تبصر .. ! مرت بواديها بعنف .. تؤنبه .. وحالها يق...

نادية خالد العمودي لـ هي : أعيش حياة بسيطة وأؤمن بأن لكل مشكلة حل

نادية خالد العمودي لـ هي : أعيش حياة بسيطة وأؤمن بأن لكل مشكلة حل

سيدو .. فلتسكن روحك أفسح الجنان ..

لم يكن اسطورة ! ولم يشارك في صنع التاريخ ! وليس له يد في "زيادة استهلاك " هذه الأمة ... إنما كان صانعا أساسيا "لنمو سعادتي" لم يكن عالم ذرة ! ولم يسعى لجائزة نوبل! ولم يعلم عن تأثير الكواكب على الأرض .. لكنه كان دائماً عالماً "بحالي" .. سائلا المولى أن يسخر لي مافي السماء والأرض .. كان لابتسامتي "مؤشر" رضا لقلبه .. وكان يراني "وجه الخير" .. كان يستبشر بي .. وترضى نفسه إذا ما عرف ان دعوة له أُجيبت يسأل فيها "مالك السموات والأرض" أن يرزقني ما أتمنى .. لم يكن سيد القوم .. لكن كان سيد القلب .. لم يكن شيخ الحارة .. إنما كان فؤاد "العيلة" .. لم يكن صانع المجد .. إنما كان عمار الطمئنينة .. (سيدو) ... عزائي في فقدك .. احتفال السماء والأرض بك .. كانت تسابقنا الأرض وتسرع لفتها حول الشمس كي تضمك في قلبها بحنان الأم .. وكانت السماء تغني بإسمك وترقص بروحك طرباً .. لتلقى الحي القيوم .. إلا أنني أنا .. يا (سيدو) . .. اشتقت لصوتك وأنت تخبرني أنك "أحسن مني" إذا ما سألتك ...