التخطي إلى المحتوى الرئيسي

إدارة رشيقة، أم مشروع ناجح!

 




كتبت في مقال سابق عن مفهوم القيادة الرشيقة وحاجة القائد دائما لتمارين محددة لتحقق له رشاقة أسلوبه القيادي، إلا أنني اليوم بصدد تسليط الضوء على "ادارة المشاريع برشاقة" والتركيز على أدوات الرشاقة المطلوبة والتوقعات المرجوة من مشروع يُدار بـ "برشاقة." في هذا المقال سأجيب على "هل كل المشاريع يجب أن تدار "برشاقة"؟ متى وكيف نقرر ذلك، وسأتحدث عن سمات هذا النوع من ادارة المشاريع وعن التمارين المرافقه لمديري المشاريع برشاقة.

معظم الجهات الحكومية وشبه الحكومية وبالتأكيد أيضا منظمات القطاع الخاص الكبيرة والمتوسطة تتجه للإستعانة بشركات الإستشارات وإدارة المشاريع لتأدية عدد كبير من أعمالها، اتسم عمل هذه الشركات بتشكيل فرق عمل مختلفة وخبيرة في العديد من المجالات، وهنا تكمن ميزة الرجوع إليها. إلا أن أساليب إدارة المشاريع تختلف من شركة الى أخرى، منها شركات تدير التنفيذ بطريقة تقليدية ومنها من يروج لشركته بأنها تستخدم الطرق المبتكرة مثل Lean sigma  ، ومؤخراً كثيرا ما يتردد اسلوب إدارة المشاريع برشاقة Agile Management  ، متى وكيف نختار أي أسلوب لإدارة المشروع ؟

للإجابة على هذا السؤال يجب أن نعرف ماهي أهم اولويات تنفيذ المشروع، إن كانت "الكفاءة" هي أهم أولوية، ونطاق العمل واضح ومحدد والجدول الزمني لا يمكن التساهل فيه أو تعديله لا بالتقديم ولا بالتأخير، فالخيار الأفضل هو طريقة إدارة المشاريع بالطريقة التقليدية التي تتبع وضع خطة واضحة من بداية التنفيذ وتلتزم بها بدون تغيير مهما كانت التكاليف المالية. أما في حالة وجود مشكلة والمشروع هو حل هذه المشكلة وتجاوزها، فإن أولوية المشروع هنا هي الإبتكار والتفكير خارج الصندوق للوصول لحلول مبتكرة ، أي أن الجدول الزمني قد يكون أكثر مرونة بكثير مقابل الوصول لحل، والثبات سيكون لنطاق العمل الواضح "حل المشكلة" و كذلك المقابل المالي وميزانية العمل، في هذه الحالة نتجه للإستعانة بأسلوب Lean Sigma لادارة المشروع. أما إذا كان للمشروع نطاق عمل مرن، وهدف واضح هو "الوصول للنتيحة التي يحددها العميل من بداية التعاقد" إنما بنطاق يتسم بالمرونة الى حد ما ، مقابل ثبات الميزانية والجدول الزمني لتحقيق الهدف فإن أسلوب الإدارة الأسلم هنا هو "ادارة المشروع برشاقة Agile" بمعنى الاستفادة القصوى من ماهو موجود في سبيل الإنتقال من مراحل الخطة بمرونة لتحقيق المكاسب المرحلية وثم الوصول للنتيجة المقرر الوصول اليها.

لذلك، يستند قرار إدارة المشاريع برشاقة على أن يكون صوت عميلك واضحاً مبيناً بشكل مكتوب ومحدد، لكي تركض برشاقة تجاه الهدف، بحيث لا تقف كثيراً في مرحلة تقييم الوضع الراهن في بداية العمل ولا تهدر وقتاً في تحديد المطلوب قبل وضع الخطة وتحديد المراحل. أدواتك الأساسية لإدارة هذا النوع من المشاريع هي بالتأكيد : رؤية واضحة جداً لدى العميل "مالك المشروع" وهدف لن يتم تبديلة في أي مرحلة من مراحل العمل، ثم فريق متكامل قوي وخبير فيه شخص يمثل صوت عميلك طوال الوقت. كما أن "التسليم" لابد أن يكون على مراحل متقاربة ولا يجب أن تبتعد عن مالك المشروع لفترة طويلة بدون إطلاعه على مراحل التنفيذ والحصول على المكتسبات المرحلية. أهم الأدوات التي ترافق الرشاقة في إدارة المشاريع أيضاً هي "عملية الاختبار المستمر" لفعالية العمل، والتغيير والتبديل في طرق العمل بشكل يحقق الوصول للمكتسبات والاستمرار في مراحل الخطة بشكل جيد.

سمات الرشاقة في إدارة المشاريع ومايميزها عن اتباع الأسلوب التقليدي أو حتى الإبتكاري هي أن الرشاقة في الإدارة تعني تركيز مدير المشروع على تفاعل الفريق وتجاوب العميل مع المكتسبات أكثر بكثير من تركيزه على اتباع اجراءات عمل محددة واستخدام أدوات معقده في التنفيذ. كذلك تعمل الإدارة الرشيقة على الخروج بنظام واضح للعمل تحقق روح النظام المطلوب أكثر من التركيز على عملية التوثيق لكافة تفاصيل العمل التي قد تؤدي إلى غياب الهدف الاساسي عن اذهان الموثقيين . الاستجابة لصوت العميل أيضا من اهم سمات الادارة الرشيقة للمشروع  ولذلك الأولوية مهما ابتعدت عن نطاق العمل المكتوب بدايةً.

ولأن كل رشاقة تأتي من تمارين تحققها، فإن مدير المشروع الرشيق يعني أنه قد تمرس على التواصل العالي وفهم مقاصد الحديث والقدرة على كسر القوالب التقليدية في فهم العملاء ومقاصدهم. وأنه يملك فريق عمل متنوع لأبعد حد، يستخدم اعضاء الفريق مناظير مختلفة لتحليل الأمور ورؤيتها وتحليلها، يحقق ذلك القدرة العالية على الاستجابة للمتغيرات. مدير هذا النوع من المشاريع يملك قدرة واضحة على التحفيز والتشجيع وزرع الحافز الفردي لدى كل أفراد الفريق للمضي قدما ًمهما كانت التغيرات. يفهم هذا المدير سر الثبات المتحرك، ونظرية المتحرك الثابت التي توجه التقدم للأمام!

الخلاصة، لا تحتاج كل المشاريع لإدارة رشيقة، وإن تطلب المشروع هذا النوع من الإدارة فعلى المدير أن يكون متمرساً والفريق أن يكون مرناً "جداً "، وعلى العميل "مالك المشروع" أن يكون واضحاً جداً ويعرف تماماً إلى أين يريد أن يصل.

 

نشرت هذه المقالة في صحيفة مال : 

رابط المقال  

بتاريخ 30-08-2021

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جدة ... من جد زعلانة !!

أنشئت المدونة منذ مدة .. أعتقد 3 أشهر .. كنت دائما أسأل نفسي .. ما الذي يمكن أن أكتببه هنا؟ وبأي فكرة ولأي سبب .. ما الذي أكون قد أضفته .. لكن اليوم .. بعد تجربة خمسة أيام مضت منذ السبت 5-12-2009 إلى اليوم الأربعاء 9-12-2009 .. أجد أن برأسي ألف فكرة ... بوجهة فكر واحدة !! أحترت من أين أبدأ .. روح التعاون الرائعة .. متعة العمل التطوعي .. ابتسامة الضمير الذي يقدم خيرا لا يقصد به إلا التأكد من رؤية ابتسامة المحتاج .. النية الطيبة التي يدعمها الله في يد الجماعة .. أم أعكس واقع الضمير المخدر .. ابتسامة الزيف .. هول الكارثة .. منظر الدمار .. فقد الأرواح .. كسرة نفس المحتاج .. عبوس "القائمين عليها" !! كنت في البداية بعيدة نوعا ما عن "قلب الحدث" .. وابتداء من يوم السبت المذكور طرقت "قلب الحدث" وأكتشفت أنه "موجوع" بالفعل .. سيول مدينة جدة يوم التروية من عام 1430 هـ .. كانت مأساوية، مدمرة "لكل ما أعترض طريقها" وكأنها تعلن ثورتها على الضمير المخدر والعين التي لا تبصر .. ! مرت بواديها بعنف .. تؤنبه .. وحالها يق...

نادية خالد العمودي لـ هي : أعيش حياة بسيطة وأؤمن بأن لكل مشكلة حل

نادية خالد العمودي لـ هي : أعيش حياة بسيطة وأؤمن بأن لكل مشكلة حل

سيدو .. فلتسكن روحك أفسح الجنان ..

لم يكن اسطورة ! ولم يشارك في صنع التاريخ ! وليس له يد في "زيادة استهلاك " هذه الأمة ... إنما كان صانعا أساسيا "لنمو سعادتي" لم يكن عالم ذرة ! ولم يسعى لجائزة نوبل! ولم يعلم عن تأثير الكواكب على الأرض .. لكنه كان دائماً عالماً "بحالي" .. سائلا المولى أن يسخر لي مافي السماء والأرض .. كان لابتسامتي "مؤشر" رضا لقلبه .. وكان يراني "وجه الخير" .. كان يستبشر بي .. وترضى نفسه إذا ما عرف ان دعوة له أُجيبت يسأل فيها "مالك السموات والأرض" أن يرزقني ما أتمنى .. لم يكن سيد القوم .. لكن كان سيد القلب .. لم يكن شيخ الحارة .. إنما كان فؤاد "العيلة" .. لم يكن صانع المجد .. إنما كان عمار الطمئنينة .. (سيدو) ... عزائي في فقدك .. احتفال السماء والأرض بك .. كانت تسابقنا الأرض وتسرع لفتها حول الشمس كي تضمك في قلبها بحنان الأم .. وكانت السماء تغني بإسمك وترقص بروحك طرباً .. لتلقى الحي القيوم .. إلا أنني أنا .. يا (سيدو) . .. اشتقت لصوتك وأنت تخبرني أنك "أحسن مني" إذا ما سألتك ...