التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بين الطريق والطريقة.. محاولة تستحق العناء




تدار المنشآت بطرق مختلفة، يعتمد أسلوب العمل بشكل كبير على قائدها أو رئيس مجلس إدارتها، تواجه التحديات بشكل يومي، منها ماهو تحدي عابر يزول بمعالجة بسيطة، ومنها ما يعتبر مفصلياً في حياة المنشأة، إما لتقدم ونجاح أو لنهاية الطريق!. من هنا بدأت فكرة مقالي هذا، من "الطريق" .. هل تعمل المنشآت لتسير في طريق يصل للهدف أو للنهاية! أما أن المنشأة تتبنى "طريقة العمل" التي تمكنها من الاستمرار بغض النظر عن "الطريق". طال او قصر. وأكتشفت أنه بملاحظة المنشآت يمكن تحديد أي الاسلوبين أجدى وأنفع. أن ترسم طريقاً تسعى أن لا تحيد عنه، أو ان تصنع طريقة عمل ثم تنطلق أينما تكون الوجهة.
عندما تنفق المؤسسات او المنشآت جل وقتها وميزانياتها في البداية "لترسم الطريق"، وتضع أهدافاً محددة تسعى للوصول إليها، فهي تدرس الفرص الممكنة حالياً وتعد الخطة وفق لذلك وتحدد الأدوار، وتعد فريق عمل قادر على الانجاز،  وتعمل على أدوات قياس الآداء المعتمد على تحقيق النتائج. تضع خطة محكمة تجند فريقها للوصول للهدف وبناء على نقاط الوصول المحددة تكون مكافـآت الأفراد. قد يتميز هذا الأسلوب بتخفيف احتمالية الخطأ، وإلى حد ما بترشيد المصروفات. إلا ان ما يؤخذ على هذا الأسلوب أنه يفتقد لحس المغامرة، ويتسم بمستوى منافسة حاد جدا، عندما يضع الأفراد المستهدفات نصب أعينهم، فإن مهارات التنافس هي التي ترتفع لدى الفريق، هذا الأسلوب يصنع اسماءً براقة، إنما لا يكوّن فريقا متماسكاً بسبب حدة التنافس. هذا الأسلوب يصل بالمنشأة إلى النتائج لكن يفقدها ولاء فريق العمل، لأنها قد تضطر لعدم الالتفات لهم في سبيل الوصول. حيث هنا تقدير الأفراد هو وفقا للوصول للمستهدفات. كما يلاحظ ان استدامة هذه المنشآت على الأغلب في خطر. نقطة الانطلاق هي أ واقصر الطرق لنقطة الوصول ب هو طريق هذه المنشأة.
إنما عندما تبدأ المنشآت وتضع أعلى ميزانياتها وجل اهتمامها على "الطريقة والقيم" التي تتم بها الأعمال، على تشكيل الفريق المتماسك الذي يعلم يقيناً أن نجاحات (وليس نجاحاً واحداً أبداً) للمنشأة هو مؤشر انجازاتهم الكثيرة المميزة. فإنها تصنع القاعدة الصلبة التي تمكنها من مواجهة التحديات وكذلك التوجه نحو النجاحات بشكل مستدام. هذه المنشأة تنافس ذاتها، تنافس في مرحلتها الحالية انجازها الأخير وتتفوق عليه. وتقيس تطورها وتميز أفرادها، لايخشى الأفراد من أخطاءهم ضمن الفريق ويعملون على تحسين أنفسهم، ويجنبون المنشاة خطأ قد يقع. يعاب على هذا الأسلوب أنه قد تتأخر نجاحاته، إنما عندما تأتي لا تأتي فرادا. كما يؤخذ على هذه المنشآت أنها تعتمد بشكل كبير جداَ على روح قائدها، هذه المنشآت لايمكن ان يشغل أعلى هيكلها أي مدير او مسؤول يؤدي المطلوب منه وحسب، قائد هذه المنشآت عليه مسؤولية زرع روح الفريق، وتحفيز الأفراد، وسبر أغوار المغامرات التي تشحذ همم العاملين وتطور مهاراتهم في شتى المجالات. في هذه المنشآت رحلة العمل ممتعة، وأفكار التطوير لا تنضب، ورحلة التعلم مستمرة على كل الأصعدة. نقطة الانطلاق هي النقطة أ، ولا تسعى المنشأة لأن تصل، تسعى لأن تستمر في الوصول.
في النموذج الأول، مكتسبات أكيدة، تركيز عالي على النتائج. في النموذج الثاني نجاحات مستمرة، واهتمام عالي بفريق العمل. قد ترى بعض المنشآت في النموذج الثاني ضرورة تحتم عليها أن تتبع طريقاً لا تحيد عنه لهدف محدد او مرحلة معينة من عمرها، إنما تعلم يقيناً ان النجاحات المتتالية تعني الإهتمام بالطريقة، وليس الطريق. أزمة كورنا الحالية خير دليل لذلك، اجبرت هذه الجائحة كل المنشآت في القطاعين العام والخاص ان تركز في هذه الفترة على طريق واحد هو الخروج من هذه الأزمة وتجاوزها بأقل الخسائر الممكنة، إلا أننا نرى جلياً أن أبطالها "في القطاعين" هم أشخاص ومنشآت كانت تعمل وفق "طريقة وقيم" سليمة، أشخاص قضوا فترات طويلة في تطوير طريقة عملهم وتعزيز مهارات فرق العمل بحيث استطاعوا اليوم مواجهة هذه الأزمة والالتزام بطريق الخلاص منها.
رحلة عمر المنشآت "وكذلك الأفراد" يتخللها العديد من المحطات، وخلاصة القول أن العبرة بالرحلة أكثر من النتائج. كم منشأة استمرت وتوسعت على الرغم من اخفاقاتها، وكم من المنشآت التي كانت ناجحة جداً اختفت في غضون وقت قصير. جهز أدواتك وأحكم طريقة عملك، وأعد العدة لفريقك وأجعلهم أثمن الأصول، واستمتع برحلة عمل مستمرة وطريق وصول مستدام، بدون نقطة وصول وحيدة.
 نشر المقال في صحيفة مال الالكترونية بتاريخ 7 مايو 2020 : 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جدة ... من جد زعلانة !!

أنشئت المدونة منذ مدة .. أعتقد 3 أشهر .. كنت دائما أسأل نفسي .. ما الذي يمكن أن أكتببه هنا؟ وبأي فكرة ولأي سبب .. ما الذي أكون قد أضفته .. لكن اليوم .. بعد تجربة خمسة أيام مضت منذ السبت 5-12-2009 إلى اليوم الأربعاء 9-12-2009 .. أجد أن برأسي ألف فكرة ... بوجهة فكر واحدة !! أحترت من أين أبدأ .. روح التعاون الرائعة .. متعة العمل التطوعي .. ابتسامة الضمير الذي يقدم خيرا لا يقصد به إلا التأكد من رؤية ابتسامة المحتاج .. النية الطيبة التي يدعمها الله في يد الجماعة .. أم أعكس واقع الضمير المخدر .. ابتسامة الزيف .. هول الكارثة .. منظر الدمار .. فقد الأرواح .. كسرة نفس المحتاج .. عبوس "القائمين عليها" !! كنت في البداية بعيدة نوعا ما عن "قلب الحدث" .. وابتداء من يوم السبت المذكور طرقت "قلب الحدث" وأكتشفت أنه "موجوع" بالفعل .. سيول مدينة جدة يوم التروية من عام 1430 هـ .. كانت مأساوية، مدمرة "لكل ما أعترض طريقها" وكأنها تعلن ثورتها على الضمير المخدر والعين التي لا تبصر .. ! مرت بواديها بعنف .. تؤنبه .. وحالها يق...

نادية خالد العمودي لـ هي : أعيش حياة بسيطة وأؤمن بأن لكل مشكلة حل

نادية خالد العمودي لـ هي : أعيش حياة بسيطة وأؤمن بأن لكل مشكلة حل

سيدو .. فلتسكن روحك أفسح الجنان ..

لم يكن اسطورة ! ولم يشارك في صنع التاريخ ! وليس له يد في "زيادة استهلاك " هذه الأمة ... إنما كان صانعا أساسيا "لنمو سعادتي" لم يكن عالم ذرة ! ولم يسعى لجائزة نوبل! ولم يعلم عن تأثير الكواكب على الأرض .. لكنه كان دائماً عالماً "بحالي" .. سائلا المولى أن يسخر لي مافي السماء والأرض .. كان لابتسامتي "مؤشر" رضا لقلبه .. وكان يراني "وجه الخير" .. كان يستبشر بي .. وترضى نفسه إذا ما عرف ان دعوة له أُجيبت يسأل فيها "مالك السموات والأرض" أن يرزقني ما أتمنى .. لم يكن سيد القوم .. لكن كان سيد القلب .. لم يكن شيخ الحارة .. إنما كان فؤاد "العيلة" .. لم يكن صانع المجد .. إنما كان عمار الطمئنينة .. (سيدو) ... عزائي في فقدك .. احتفال السماء والأرض بك .. كانت تسابقنا الأرض وتسرع لفتها حول الشمس كي تضمك في قلبها بحنان الأم .. وكانت السماء تغني بإسمك وترقص بروحك طرباً .. لتلقى الحي القيوم .. إلا أنني أنا .. يا (سيدو) . .. اشتقت لصوتك وأنت تخبرني أنك "أحسن مني" إذا ما سألتك ...