النتيجة
المعروفة والمتوقعة، أن تفرح الأم بأمومتها بعد آلام المخاض، ويفرح الطالب بنجاحه
بعد تعب وجهد المذاكرة، تحتفل الشركة بنجاحها بعد تنفيذ خطة عمل محكمة ومتعبة. لا
تجد في الدنيا "سعادة نجاح" إلا بعد طريق طويل من التعب والانتظار
والجهد والعمل. سنة الكون التي تعاقب الأمور على تضاداتها. كأن الألم والتعب
والجهد هو انقاص منسوب الراحة لفترة من الزمن لشحذ الهمة والاستعداد للفرح. إلا أن
درس الحياة الذي تعلمته مؤخراً هو نعمة "الحرمان" التي تدفع بحاملها
لأعلى الدرجات. وكأن ما يحرم منه المرء هو وحده الدافع الذي يدعوه لتطوير جوانب عديده
في حياته.
"مها"
سيدة أهداها الله دافع الحياة من خلال طرف صناعي تستخدمه للمشي، عاصرت هذه السيدة
تجربة كانت بمثابة "هبة السماء" التي صقلت جوانب شخصيتها وشحذت همتها
لمستويات عالية، مكنتها من اكتشاف نقاط قوتها والوصول لمراحل صفاء مع ذاتها لم يصل
إليها من لم "يهدى" الحرمان الذي واجهته في حياتها، هي اليوم أم لثلاثة
أطفال أنشأتهم تحت ظروف اجتماعية ومادية صعبة، هي اليوم قدوة لأبنائها ولجيل من
ذوي الأطراف الكاملة.
اتصالها
صباح يوم الثلاثاء الماضي منحني طاقة إيجابية مختلفة، عندما قصت علي بتلقائية
وهدوء يحمل طابع الحماس وحب الحياة بين كل كلمة والأخرى، اخبرتني كيف أنها عملت
جاهدة لتطور من مهاراتها الخاصة لتجابه نظرات الآخرين والتي كان جزء منها شفقة
والجزء الآخر اقصاء! كيف أن التحدي وقبول أقل عروض العمل في بداية الطريق مكنتها
من انتهاز الفرصة لتبني ثقة الآخرين في مهاراتها. كيف أن للطريق الصعب جانب آخر
مضيء ومزهر.
تعلمت من
"مها" أن كل "نقص" نعمة وأنه لولا حُرمنا من بعض النعم، لما
اكتشفنا معظم النعم التي تكمن داخلنا بانتظار التجربة التي تشحنها وتمحصها لتشكل
سماتنا وما يميزنا فعلاً عن غيرنا. وأن كل "نقص" أو "حرمان"
ما هو إلا دافع لتمحيص العطايا المكنونة التي وهبِت لنا من السماء، وأن الزاوية
المضيئة في كل شخص والتي تمكنه من استخراج ما يملك من مهارات وعطاءات هي
"وعيه"، كلما اتسع وعيك كلما تمكنت من إكساب ذاتك مهارات أكثر وقدرات
أوسع.
أخيراً، فإني أسأل الله أن أكون ممن استطاع أن يرى "نواقصه" وأن يستغلها في تطوير ما يملك من "نِعم"، وألا أكون أبداً ممن لم يعرف كيف "يشكر" السماء على فرص النمو من كل "ناقص".
وأن أحمد
الله كثيراً.
نادية العامودي
9 ابريل 2017
تعليقات
إرسال تعليق